♧♧ عهــدُ الإستعبــادِ ♧♧
♧ قــد ولَّــى ♧
بقلم صباح تفالي
صعبٌ جدا أن تتحكمَ بعضُ العقولِ على عقولِنا.. وأنْ تفرضَ علينا أحكامَها السفسطائية دون أدنى نقاشٍ.. تُقيِّدُ حريتَنا وتسلُبُنا حقَّ التعبيرِ عن أنفسِنا وعنْ إثباتِ كيانِنا.. والتدبُّرِ في أمورِنا.. بدافع السيطرةِ والأنانيةِ التي تستحيلُ تدريجياً إلى قمعٍ ينفي وجودَنا وتواجدَنا كبشر.. وتجعلنا نطبق نظرياتِها ونخضعُ لقواعدِها التي تتماشى مع مزاجِها ومسارِها المثَبَّت كقانونٍ ظالمٍ وحادٍّ على الدوام..
يمكنُ للإنسانِ أن يتقبلَ هذا الوضعَ في عصرٍ من العصور.. أو في مرحلةٍ من مراحل الجهل القاصف.. وليسَ أبدا بعد أن تفَتَّحتِ العقولُ بمجيءِ الإسلام..ِ وتَرَقَّتْ حين طبَّقَتْ شرائعَه في ظلِّ السنةِ والإيمانِ.. لقد ولىَّ عصرُ الجاهلية.. وحان منذ زمنٍ بعيدٍ أن نستنيرَ بأنوارِ دينِنا.. ونستظلَّ بروائعِه التي أنقذتِ الروحَ والنفسَ والذاتَ من براثنِ التخلفِ والدكتاتوريةِ النّاسفة..
لقد جاء الإسلامُ فحاربَ العبوديةَ.. وأنعشنا بالمبادئِ السامية وأتحفنا بِسُمُوِّ نقائِها وروعتِها.. فَكان نبراساً مرشداً للقلوبِ والعقولِ.. عن طريقِه استرجعَ الإنسانُ كرامتَه وشرفَه وقيمتَه وحقوقَه المسلوبة..
قد ولَّى عهدُ القيدِ والعبوديةِ.. ولَّى عهدُ الإختناقِ والكبتِ والخنوع.. وأضحينا بعصرٍ يحبِّذُ النقاشَ ويشجعُ المحاورةَ باسمِ الإيمانِ والإسلامِ وحقوقِ الإنسانِ..
فهناك شرائع وقوانين قنَّها اللهُ سبحانه وتعالى لعبادِه.. حتى يحررَهم منَ الإستعبادِ.. ويبعدَ عنهم الذلَّ والهوانَ.. والقسوةَ والمعاناة.. ويرقِّيَهم عن طريقِ الكتاب والسنة والتفقهِ في الدين وتطبيقِه.. وحتى تتفتحَ عندهم البصيرةُ وينتشرَ الوعيُ الديني بِتبخرِ الجهلِ فترتقي النفوسُ والعقولُ حيث حسنِ التفكيرِ والتدبيرِ..
وأكثرُ الناسِ رُقيّاً أكثرُهم علماً وتفقهاً في الدين.. وبالتالي أكثرُهم خوفاً من الله وتقرباً منه..
قد نكون أمِّيّين.. لكنْ قد يكون لدينا نضجاً فكريا وخبرةً عن طريقِ السمعِ والإحتكاكِ بأهلِ اللهِ وأهلِ العلمِ والمعرفةِ حين مجالستِهم ومصادقتِهم والتَّنفعِ بما وهبَهمُ اللهُ من رجاحةِ عقلٍ وفكرٍ سليم وبعدِ نظر.. فالمجالسُ العلميةُ تفتح عقولنا.. والأصدقاءُ الأخيارُ يؤثرون في سلوكياتنا بالإيجاب فتصقل طباعنا وأفكارنا.. وبالعبادة والأعمال الصالحة نرتقي.. وبرضى الله تطمئن القلوب وتتعطر لتتحرر..
وأنا حين تحدَّثتُ عن تحكمِ بعضِ العقولِ والنفوسِ علينا.. فإني أتحدث عن استغلالِ البعضِ لطيبة الآخرين ولولائِهمِ المطلق.. ولاحترامِهم اللامتناهي.. ولصمتِهم الهادف..
يا ليتهم يدرون أنَّ الولاء حباًّ وليس خوفاً.. وأن الإحترام تربيةً لا يحسنها إلا من تشبَّع بالأخلاقِ السامية وليس غباء.. وأنَّ الصمتَ علاجٌ ودواءٌ ونهايةٌ محمودةٌ لعديدٍ من الحالات.. وأنَّه ردةُ فعلٍ راقيةٍ لا يجيدُها إلا منِ ارتقتْ نفسُه إلى أعلى مراتبِ الصبر والحكمةِ التي نمَّت عقلَه وحَبَتْهُ قوةً تتحلى بها تصرفاتُه النّامية وليس ضعفا أو عدم إدراك لحقيقة الأمور..
كيف يتمُّ ذلك. ؟؟؟..
(يتبع)
(في منشور:)
(♧ الولاء والإحترام ♧)
(♧ وحلاوة الصمت ♧)
صباح تفالي
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق