 |
| د. عبدالله البركات |
معطى !!!
عسى - د. عبدالله البركات - الأردن
كما قلت لكم من قبل إن مادة الدرس عندي متنوعة بحيث تتيح لي معرفة الكثير عن ثقافة طلابي واهتماماتهم ، بل عن طلاق تفكيرهم كذلك ، وكمثل على ذلك سألتهم بالأمس عن الميل كم يساوي من الكيلومترات ، وذلك ليفهموا معنى عبارة قالت إن السيارة كانت تسير بسرعة مئة ميل في الساعة ، وهل كان السائق بذلك مسرعا أم ﻻ؟ فقد رد بعضهم أن الميل الف كيلومتر ، دون أن يدرك أن ذلك يجعل من السيارة صاروخا بلستيا ما زال في خيال العلماء ، بعضهم قال عشرة كيلومترات وهو ما يبقينا في مجال الصواريخ البلاستية الواقعية ، واحد قال 2.5 فشكرت عقلانيته ، وواحد اعطاني الرقم الصحيح.
كل هؤلاء لم يزعجوني بقدر ما فعل طالب مهذب ذكي متفوق تخصصه هندسة ، فقد قال ويا لهول ما قال ليس من الضروري معرفة ذلك فهو يكون معطى.
توقفت عن الحديث ونظرت اليه نظرة اشفاق ولمعلميه نظرة عتاب حانق.
اذن هو تعلم أن العلم هدفه الامتحان ، وفي الامتحان هناك معطيات داخل السؤال ، منها في مثل هذه الحالة أن الميل يساوي 1.63 كيلومتر تقريبا.
عندما نتعلم للحياة ( وللممات طبعا ) لا ننتظر المعطى ، فليس هناك معلم لتسأله أين المعطى ، هل هناك على ظهر اللوحات الارشادية في الطريق العام شيء معطى? وعليه قس.
ولا تقف عند هذا المثل العارض ، فهل دائماً تكون آلاتنا الحاسبة في ايدنا في كل زمان ومكان لتجري لنا ابسط العمليات الحسابية اليومية ؟ هل أطلس الخرائط دوما بحوزتنا لنعرف معلومة جغرافية ملحة ؟ هل تستطيع يا أب المستقبل ويا أم المستقبل أن تجيب و تجيبي على أسئلة ابناءكم في المدرسة الابتدائية ؟ ما الفرق بين الأمي والمتعلم وبين المثقف والجاهل اذن ؟.
إننا بحاجة الى ثورة فكرية ، أو إننا نسير في طريق الهاوية.
د. عبدالله البركات
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق